مجاملات وهدايا الحكومة.. النهب المنظم للمال العام
نواب الوطني ليسوا وحدهم المذنبون ومصر بها 26 ألف مستشار
- المجاملات ضيعت على خزانة الدولة 60 مليار جنيه في بيع الأراضي
- 1200 جهة رقابية ترفع شعار.. "اسرق كما شئت فالتقارير محفوظة"
يشهد مجلس الشعب في جلساته القادمة المواجهة المرتقبة بين نواب الإخوان والمعارضة والدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، حول رشاوى نواب الحزب الوطني التي قدمتها الحكومة لنواب الأغلبية لضمان ولائهم، وإن كانت رشاوى نواب الوطني احتلت مساحاتٍ واسعةً من تغطيات الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، إلا أن هناك رشاوى وسرقات أخرى تُمثِّل نهبًا منظمًا للمال العام تحت اسم الهدايا والمجاملات الحكومية، فضلاً عن قضايا الفساد التي تظهر كل يوم والمتورط فيها رموز من الحزب الوطني، والتي كان آخرها د. هاني سرور، وكيل اللجنة الاقتصادية السابق وأحد قيادات الحزب الوطني والمسجون حاليًا على ذمة قضية أكياس الدم الفاسدة.
وقد تنوَّع النهب المنظم للمال العام على يد حكومة نظيف وقبلها حكومة عبيد، بل وعلى مرِّ حكومات الحزب الوطني بين الفساد المكشوف والصفقات المشبوهة لبيع الأصول المصرية مثل بنك الإسكندرية وعمر أفندي وغيرهما من المشروعات العملاقة، إضافةً إلى التسهيلات غير الطبيعية وغير المبررة التي تُقدمها الحكومة لرجال أعمال مرضي عنهم سواء بمنحهم تخفيضات على الأراضي، خاصةً في عهد وزير الإسكان السابق، ولكنها في عهد الحكومة الحالية؛ حيث خصص الوزير السابق مئات الأفدنة من الأراضي لأصحاب الحظوة والنفوذ، والتي أدَّت إلى ضياع أكثر من 60 مليار جنيه على الشعب المصري، وعلى سبيل المثال مشروع "مدينتي"، والتي تبلغ مساحتها 8 آلاف فدان أي 33.6 مليون متر مربع، فلو بيعت بالحد الأدنى بأسعار المزاد العلني 750 جنيهًا سوف يكون ثمن أرض "مدينتي" بأسعار المزاد العلني 25.6 مليار جنيه.
- المجاملات ضيعت على خزانة الدولة 60 مليار جنيه في بيع الأراضي
- 1200 جهة رقابية ترفع شعار.. "اسرق كما شئت فالتقارير محفوظة"
يشهد مجلس الشعب في جلساته القادمة المواجهة المرتقبة بين نواب الإخوان والمعارضة والدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، حول رشاوى نواب الحزب الوطني التي قدمتها الحكومة لنواب الأغلبية لضمان ولائهم، وإن كانت رشاوى نواب الوطني احتلت مساحاتٍ واسعةً من تغطيات الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، إلا أن هناك رشاوى وسرقات أخرى تُمثِّل نهبًا منظمًا للمال العام تحت اسم الهدايا والمجاملات الحكومية، فضلاً عن قضايا الفساد التي تظهر كل يوم والمتورط فيها رموز من الحزب الوطني، والتي كان آخرها د. هاني سرور، وكيل اللجنة الاقتصادية السابق وأحد قيادات الحزب الوطني والمسجون حاليًا على ذمة قضية أكياس الدم الفاسدة.
وقد تنوَّع النهب المنظم للمال العام على يد حكومة نظيف وقبلها حكومة عبيد، بل وعلى مرِّ حكومات الحزب الوطني بين الفساد المكشوف والصفقات المشبوهة لبيع الأصول المصرية مثل بنك الإسكندرية وعمر أفندي وغيرهما من المشروعات العملاقة، إضافةً إلى التسهيلات غير الطبيعية وغير المبررة التي تُقدمها الحكومة لرجال أعمال مرضي عنهم سواء بمنحهم تخفيضات على الأراضي، خاصةً في عهد وزير الإسكان السابق، ولكنها في عهد الحكومة الحالية؛ حيث خصص الوزير السابق مئات الأفدنة من الأراضي لأصحاب الحظوة والنفوذ، والتي أدَّت إلى ضياع أكثر من 60 مليار جنيه على الشعب المصري، وعلى سبيل المثال مشروع "مدينتي"، والتي تبلغ مساحتها 8 آلاف فدان أي 33.6 مليون متر مربع، فلو بيعت بالحد الأدنى بأسعار المزاد العلني 750 جنيهًا سوف يكون ثمن أرض "مدينتي" بأسعار المزاد العلني 25.6 مليار جنيه.
وقد كشف المهندس سعد الحسيني- عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في مجلس الشعب- في استجوابٍ لم يرَ النورَ عشرات رجال الأعمال الذين استولوا على أراضي الدولة برخص التراب، والتي اعتبرتها الحكومة هديةً لهم، ومنهم وزير الداخلية السابق الذي استولى بمعاونة وزير الإسكان السابق على سبعة آلاف فدان على طريق بلبيس القاهرة، والتي تعادل 29.4 مليون متر مربع، لو بيعت بالحد الأدنى لسعر السوق 200 جنيهٍ للمتر لبلغ حدها الأدنى 5.8 مليارات جنيه.
كما تم منح رجال الأعمال من أصحاب الحظوة ما يقرب من عشرين كيلو متر مربع من أراضي شمال غرب خليج السويس؛ أي ما يقرب من خمسة آلاف فدان أي ما يعادل 21 مليون متر مربع لكل شركة بما يعادل 2.1 مليار جنيه.
وظلت هذه الملايين من الأمتار في أيدي المحاسيب لأكثر من خمس سنوات دون جدوى، حتى اضطرت هيئة الاستثمار إلى سحب عشرة ملايين متر من كل شركة.
وكشف الحسيني أنه طبقًا للعديد من التقارير الرسمية فإن محمد أبو العينين حصل على 1520 فدانًا أي 6.3 ملايين متر مربع في مرسى علم بسعر دولار للمتر ولم يسدد سوى 20%، وباع المتر بسعر 200 جنيه بإجمالي 1.26 مليار جنيه.
وأن أحمد عز استولى على منطقةٍ بالكامل في غرب خليج السويس؛ حيث حصل على 5000 فدان أي 21 مليون متر مربع باع المتر بسعر 100 جنيه بإجمالي2.1 مليار جنيه، ومحمد فريد خميس (غرب خليج السويس) 8000 فدان أي 33.6 مليون متر مربع باع المتر بسعر 100 جنيه بإجمالي 3.2 مليارات جنيه، وكذلك حصل مجدي راسخ على 2200 فدان في الشيخ زايد بسعر خمسين جنيهًا للمتر في حين أنه باع المتر بـ700 جنيه، بإجمالي 6.468 مليارات جنيه.
كما تم منح رجال الأعمال من أصحاب الحظوة ما يقرب من عشرين كيلو متر مربع من أراضي شمال غرب خليج السويس؛ أي ما يقرب من خمسة آلاف فدان أي ما يعادل 21 مليون متر مربع لكل شركة بما يعادل 2.1 مليار جنيه.
وظلت هذه الملايين من الأمتار في أيدي المحاسيب لأكثر من خمس سنوات دون جدوى، حتى اضطرت هيئة الاستثمار إلى سحب عشرة ملايين متر من كل شركة.
وكشف الحسيني أنه طبقًا للعديد من التقارير الرسمية فإن محمد أبو العينين حصل على 1520 فدانًا أي 6.3 ملايين متر مربع في مرسى علم بسعر دولار للمتر ولم يسدد سوى 20%، وباع المتر بسعر 200 جنيه بإجمالي 1.26 مليار جنيه.
وأن أحمد عز استولى على منطقةٍ بالكامل في غرب خليج السويس؛ حيث حصل على 5000 فدان أي 21 مليون متر مربع باع المتر بسعر 100 جنيه بإجمالي2.1 مليار جنيه، ومحمد فريد خميس (غرب خليج السويس) 8000 فدان أي 33.6 مليون متر مربع باع المتر بسعر 100 جنيه بإجمالي 3.2 مليارات جنيه، وكذلك حصل مجدي راسخ على 2200 فدان في الشيخ زايد بسعر خمسين جنيهًا للمتر في حين أنه باع المتر بـ700 جنيه، بإجمالي 6.468 مليارات جنيه.
في الوقت الذي حصل فيه إبراهيم نافع وحسن حمدي على 1500 فدان بطريق مصر إسكندرية الصحراوي وباعاها لمحسن الشربتلي، بسعر 200 جنيه للمتر بإجمالي 1.26 مليار جنيه، وأن جاسم الخرافي حصل على 190 ألف متر في الفيوم لإنشاء مشروع استخلاص الأملاح، مضيفًا أن شركة الفطيم الإماراتية اشترت أرضًا بسعر 150 جنيهًا للمتر في حين بلغ ما سددته شركة الفطيم كثمنٍ للأرض 350 مليون جنيه، وهو أقل من 30% من سعر الأرض المجاورة التي بيعت بالمزاد للشركة الكويتية، وإذا طُبِّق عليها أسعار المزاد فإن ثمن هذه الأرض 11 مليار جنيه، ومع كل هذا فإنه منذ أن تم تخصيص المساحة الهائلة للفطيم لم يحدث فيها أي تنمية أو مشروعات، وهناك تأكيدات أنه باع المتر بسعر 4000 جنيه بإجمالي 11 مليار جنيه، وكذلك هشام طلعت مصطفى (مدينتي) 8000 فدان أي 33.6 مليون متر مربع باع متر الأرض بسعر 750 جنيهًا بإجمالي 25.6 مليار جنيه.
كما سبق تخصيص 20 مليون متر له ويبيع الآن المتر بـ3500 جنيه، وهناك أيضًا وزير داخلية سابق (طريق بلبيس) 7000 فدان أي 29.4 مليون متر مربع يبيع المتر بسعر 200 جنيه بإجمالي 5.88 مليارات جنيه، إضافةً إلى نجيب ساويرس (غرب خليج السويس) 5000 فدان أي 21 مليون متر مربع وباع المتر بسعر 100 جنيه بإجمالي 2.1 مليار جنيه.
وقال النائب: إن المستندات التي حصل عليها تؤكد أن هناك قائمةً سوداء لأصحاب الحظوة والنفوذ هي التي استولت على هذه الأراضي الشاسعة برخص التراب وباعوها بمبلغ 58.968 مليار جنيه، مؤكدًا أن المليار جنيه الواحد يمكن أن يعادل مرتب ألف طبيب من حديثي التخرج بلغ كل منهم 30 سنة، ويمكن أن يعادل معاش الضمان الاجتماعي لألف أسرة فقيرة لمدة 800 سنة، بل يمكن أن يبني خمسمائة مدرسة أو ثلاثمائة مستشفى صغير أو عشرين ألف شقة يمكن أن تحل مشكلة الإسكان، ورغم هذه الأرقام والمستندات التي قدَّمها النائب فقد وضع مجلس الشعب الاستجواب في ثلاجته.
ومن الأراضي إلى تعيين المستشارين في الوزارات والهيئات المختلفة والتي غالبًا ما تكون للمعارف والأقارب والوجهاء، وقد كشفت دراسة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري أن الحكومة بها 26 ألف مستشار، بواقع 800 مستشار لكل وزارة، يحصلون سنويًّا على مرتبات ومكافآت تصل إلى مليار و200 مليون جنيه، في الوقتِ الذي يُعاني فيه أكثر من 7 ملايين شاب مصري من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمدارس الفنية من البطالة، و"يتلطعون" على أرصفةِ الشوارع بعد أن فقدوا الأملَ في الحصول على فرصة عمل.
"إخوان أون لاين" فتح ملف إهدار مال المواطن المطحون؟ وما الأضرار التي نجمت عن سياسية المجاملات وتحكم المسئول في مؤسسته أو وزارته وكأنها عزبة؟ وما تأثير ذلك على الاقتصاد المصري بل والمجتمع المصري الذي يعاني من حالةٍ من الهذيان لم يشهدها تاريخه من قبل حتى أيام الملكية والاحتلال؟
في البداية أكد ممدوح الولي- الخبير الاقتصادي ونائب رئيس تحرير جريدة "الأهرام"- أن الحال في النظام الإداري المصري إلى إطلاق يد المسئول في الموقع الذي يعمل فيه دون أي رقابة، فأصبح كلُّ وزيرٍ حرًّا في اتخاذ القرارات داخل وزارته من حيث تعيين المستشارين وجلب الأصدقاء والمعارف للعمل واستبعاد مَن لا يريد وجودهم داخل الوزارة، وكذلك الأمر بالنسبة للمحافظين؛ حيث لا توجد مسئولية تشريعية لمحاسبة المسئول حتى الآن.
مشيرًا إلى أنه بالفعل تتم العديد من الممارسات غير المسئولة سواء بتوزيع المناصب أو الميزانيات أو الأراضي؛ وذلك في ظل غياب دور فعَّال للجهاز المركزي للمحاسبات المعني به مراقبة جميع الجهات الحكومية، والتي يقتصر دوره على إرسال تقارير بالمخالفات، ويتم حفظها على رُفوف مجلس الشعب دون اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه المخالفين.
وأضاف الولي أن القدوة مفتقدة من خلال قيادة الدولة بدايةً من اختيار الوزراء حسب الهوى الشخصي وليس حسب الكفاءة، والتغاضي عن مخالفات المقربين من أصحاب السلطان؛ مما يُعطي قدوةً سيئةً لكلِّ موظفٍ عام، فنجد هذا الموظف يمارس نفس الدور في المكان الذي يعمل به حسب السلطات الممنوحة له.
وأشار الولي إلى أن الهدر في الممارسات الحكومية ضخم جدًّا، ومسألة المجاملات منذ سنوات كثيرة، وكل وزارة تُوزِّع عطاياها حسب الهوى الشخصي، ولا توجه القواعد المحكمة التي تكفل وتحمي هذه الممتلكات فهناك أكثر من 1200 جهة رقابية ليس لها دور، بل إنَّ معظمها يرفع شعار "اسرق ما شئت؛ لأن التقارير التي نصدرها محفوظة على الرف"، وضرب الولي مثالاً لإهدار المال العام في المؤسسات الصحيفة الغارقة في الديون، ورغم ذلك تقوم كل عام بمنح الهدايا إلى المسئولين فأصبحت كل مؤسسة تشبه العزبة يتحرك فيها ناظرها كما يشاء.
كما سبق تخصيص 20 مليون متر له ويبيع الآن المتر بـ3500 جنيه، وهناك أيضًا وزير داخلية سابق (طريق بلبيس) 7000 فدان أي 29.4 مليون متر مربع يبيع المتر بسعر 200 جنيه بإجمالي 5.88 مليارات جنيه، إضافةً إلى نجيب ساويرس (غرب خليج السويس) 5000 فدان أي 21 مليون متر مربع وباع المتر بسعر 100 جنيه بإجمالي 2.1 مليار جنيه.
وقال النائب: إن المستندات التي حصل عليها تؤكد أن هناك قائمةً سوداء لأصحاب الحظوة والنفوذ هي التي استولت على هذه الأراضي الشاسعة برخص التراب وباعوها بمبلغ 58.968 مليار جنيه، مؤكدًا أن المليار جنيه الواحد يمكن أن يعادل مرتب ألف طبيب من حديثي التخرج بلغ كل منهم 30 سنة، ويمكن أن يعادل معاش الضمان الاجتماعي لألف أسرة فقيرة لمدة 800 سنة، بل يمكن أن يبني خمسمائة مدرسة أو ثلاثمائة مستشفى صغير أو عشرين ألف شقة يمكن أن تحل مشكلة الإسكان، ورغم هذه الأرقام والمستندات التي قدَّمها النائب فقد وضع مجلس الشعب الاستجواب في ثلاجته.
ومن الأراضي إلى تعيين المستشارين في الوزارات والهيئات المختلفة والتي غالبًا ما تكون للمعارف والأقارب والوجهاء، وقد كشفت دراسة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري أن الحكومة بها 26 ألف مستشار، بواقع 800 مستشار لكل وزارة، يحصلون سنويًّا على مرتبات ومكافآت تصل إلى مليار و200 مليون جنيه، في الوقتِ الذي يُعاني فيه أكثر من 7 ملايين شاب مصري من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمدارس الفنية من البطالة، و"يتلطعون" على أرصفةِ الشوارع بعد أن فقدوا الأملَ في الحصول على فرصة عمل.
"إخوان أون لاين" فتح ملف إهدار مال المواطن المطحون؟ وما الأضرار التي نجمت عن سياسية المجاملات وتحكم المسئول في مؤسسته أو وزارته وكأنها عزبة؟ وما تأثير ذلك على الاقتصاد المصري بل والمجتمع المصري الذي يعاني من حالةٍ من الهذيان لم يشهدها تاريخه من قبل حتى أيام الملكية والاحتلال؟
في البداية أكد ممدوح الولي- الخبير الاقتصادي ونائب رئيس تحرير جريدة "الأهرام"- أن الحال في النظام الإداري المصري إلى إطلاق يد المسئول في الموقع الذي يعمل فيه دون أي رقابة، فأصبح كلُّ وزيرٍ حرًّا في اتخاذ القرارات داخل وزارته من حيث تعيين المستشارين وجلب الأصدقاء والمعارف للعمل واستبعاد مَن لا يريد وجودهم داخل الوزارة، وكذلك الأمر بالنسبة للمحافظين؛ حيث لا توجد مسئولية تشريعية لمحاسبة المسئول حتى الآن.
مشيرًا إلى أنه بالفعل تتم العديد من الممارسات غير المسئولة سواء بتوزيع المناصب أو الميزانيات أو الأراضي؛ وذلك في ظل غياب دور فعَّال للجهاز المركزي للمحاسبات المعني به مراقبة جميع الجهات الحكومية، والتي يقتصر دوره على إرسال تقارير بالمخالفات، ويتم حفظها على رُفوف مجلس الشعب دون اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه المخالفين.
وأضاف الولي أن القدوة مفتقدة من خلال قيادة الدولة بدايةً من اختيار الوزراء حسب الهوى الشخصي وليس حسب الكفاءة، والتغاضي عن مخالفات المقربين من أصحاب السلطان؛ مما يُعطي قدوةً سيئةً لكلِّ موظفٍ عام، فنجد هذا الموظف يمارس نفس الدور في المكان الذي يعمل به حسب السلطات الممنوحة له.
وأشار الولي إلى أن الهدر في الممارسات الحكومية ضخم جدًّا، ومسألة المجاملات منذ سنوات كثيرة، وكل وزارة تُوزِّع عطاياها حسب الهوى الشخصي، ولا توجه القواعد المحكمة التي تكفل وتحمي هذه الممتلكات فهناك أكثر من 1200 جهة رقابية ليس لها دور، بل إنَّ معظمها يرفع شعار "اسرق ما شئت؛ لأن التقارير التي نصدرها محفوظة على الرف"، وضرب الولي مثالاً لإهدار المال العام في المؤسسات الصحيفة الغارقة في الديون، ورغم ذلك تقوم كل عام بمنح الهدايا إلى المسئولين فأصبحت كل مؤسسة تشبه العزبة يتحرك فيها ناظرها كما يشاء.
ويرى عبد الله السناوي- رئيس تحرير جريدة "العربي" الناصري- أن هناك نوعًا آخر من إهدار المال العام؛ وذلك عن طريق المغالاة في التكاليف الذي يرصدها المسئولون من ميزانية الشعب المطحون من تجديد مكاتب وتوفير مستلزمات الأبهة والسيارات الفارهة، مشيرًا إلى أن الموظف والمواطن المطحون يجد تناقضًا بين مظاهر الأبهة الذي يعيش فيها المسئول والعجز عن تلبية احتياجات الموظفين، خاصةً في ظل دولةٍ فقيرةٍ مستويات الفقر فيها شملت 40% من مواطنيها.
وأكد السناوى أن المجاملات الحكومية والهدايا التي تُقدَّم سواء لنواب الحزب الوطني عبارة عن رشاوى مُقنَّعة لضمان الولاء، وهو من دم الشعب المصري الممثلة في الضرائب التي يدفعها المواطن حتى يرى خدمة أحسن، ويشاهد بلده أكثر تقدمًا حتى يعيش حياةً كريمةً، إلا أن كل ذلك يذهب أدراج الريح، ويشاهد المواطن من ناحيةٍ أخرى المسئول يرتدي أفخم البدل والسيارات ويسكن أفخم الأماكن.
وأكد السناوي أن كلَّ مسئولٍ يستخدم كل ما تحت يديه من موارد الدولة، وكأنها ملكية خاصة، مع أنه المسئول الوحيد للحفاظ على هذه الموارد، فضلاً عن تفشي ظاهرة الرشوة طلبًا للرضى ومحاولة الاستمرار في المنصب.
وطالب السناوي بمحاسبة كل مَن حصلوا على أراضي الدولة في العشر سنوات السابقة.
تحليل نفسي
وأرجع د. حامد الهادي- أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق- تفشي ظاهرة الرشاوى المقنعة في صورة مجاملات إلى عدة عوامل، منها أننا نعيش في ظل دولةٍ رخوةٍ ومجتمعٍ ضعيفٍ أصبحت الهدايا التي تُقدَّم في صورة رشوة مقنعة أمرًا طبيعيًّا فيه، موضحًا أن الهديةَ لها دور اجتماعي, فالهدايا بمفهومها الصحيح تؤدي إلى المساندة الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي واستمرارية المجتمع وبقائه، إلا أنَّ الخطرَ في الموضوع هو أن تحول هذه الهدية إلى رشوة.
وقال: إن هذا يرجع إلى التنشئة الاجتماعية للمسئول نفسه, إضافةً إلى أسباب اختيار المسئول لهذا المنصب، وهل يتم بأسلوبٍ موضوعي أم أنه متوقفٌ على مصالح الآخرين، وهل هذا المسئول مرَّ بمراحل الترقيات السليمة أم تم ترحيله دون أولويات.
وأكد الهادي أنه ما دامت المؤسسة لا تُدار بنظامٍ أو قانون فهذا يُعطي الفرصةَ لانتشار الرشوة؛ لأنه يُريد أن يبقى في منصبه فيرشى مَن هو أعلى منه من أجل ذلك.